الحدث كندا خاص

تقترب بيروت ودمشق من التوصل إلى اتفاق يقضي بنقل معظم السوريين الموقوفين في السجون اللبنانية إلى سوريا، بحسب ما أفاد مصدر قضائي لصحيفة “ذا ناشيونال”. ويبدو أن اجتماعات لجنة قضائية لبنانية–سورية، عُقدت في بيروت هذا الأسبوع، دفعت الملف قدمًا بعد سنوات من التعثّر.

وقال مصدر قضائي لبناني للصحيفة إن “هناك تقدّمًا بعد الاجتماع الأخير”، مؤكدًا أنه لم يُوقَّع اتفاق نهائي بعد، “لكن يمكن القول بثقة إن المسار يتحرّك في الاتجاه الصحيح”. وفي إطار العمل الميداني، زار الوفد السوري برئاسة وزير العدل مظهر الوايس سجن رومية، أكبر سجون لبنان، والتقى عددًا من السجناء.

وبحسب معطيات قضائية، يُحتجز أكثر من ألفي سوري في السجون اللبنانية المكتظّة. ويتيح الاتفاق المرتقب إعادتهم إلى سوريا لمتابعة محاكمتهم أو تنفيذ محكوميتهم هناك، مع استثناءات صريحة تتعلّق بالمحكومين بجرائم قتل أو المشاركين في القتال ضدّ القوى الأمنية اللبنانية.

ومن المتوقّع أن تعاود اللجنة المشتركة اجتماعاتها قريبًا، من دون تحديد موعد أو مكان حتى الآن، على أن يُبحث أيضًا قيام وفد لبناني بزيارة لدمشق. وأوضح الوزير الوايس أن الجانبين “متوافقان بشكل وثيق”، وأن النقاش بات يتركّز على الصياغة القانونية النهائية للإطار المنظّم لعملية النقل.

وتواكب هذه التطوّرات مؤشرات انفتاح سياسي؛ إذ أجرى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مباحثات في بيروت مع كبار المسؤولين اللبنانيين، واحتلّ ملف السجناء حيّزًا أساسيًا منها، في سياق مسعى أوسع لإعادة ضبط العلاقات بين البلدين.

في الموازاة، تمت إحالة مئات الموقوفين السوريين على ذمّة قضايا إرهاب أو اعتداءات على القوى العسكرية إلى القضاء العسكري. بعض هؤلاء مرتبط بفصائل معارضة سورية، فيما لم تُستكمل إجراءات المحاكمة بحق عدد آخر بعد، وبينهم موقوفون على خلفية اشتباكات عرسال عام 2014.

وتطرح بيروت على طاولة البحث ملفات عالقة أخرى، بينها مصير لبنانيين فُقدوا في سوريا خلال عقود سابقة، إضافة إلى متابعة أوضاع مشتبه بهم في قضايا اغتيالات سياسية فرّوا إلى الأراضي السورية. وتبرز هنا قضية حبيب الشرتوني، المُدان باغتيال الرئيس المنتخب بشير الجميل عام 1982، والذي يظلّ مكان وجوده غير معروف على نحو قاطع.

بهذا، يمضي المسار القضائي–الأمني بين بيروت ودمشق نحو تسوية عملية لملف شائك طال أمده، فيما تبدو المرحلة المقبلة مرهونة بحسم التفاصيل القانونية والتنفيذية واتفاق الطرفين على آليات واضحة للنقل والمتابعة القضائية.