“طب الطوارئ” في كيبيك: صراع الأطباء والحكومة يضع المرضى في الميزان
“طب الطوارئ” في كيبيك: صراع الأطباء والحكومة يضع المرضى في الميزان
كيبيك – يشهد نظام الرعاية الصحية في كيبيك حالياً مرحلة حرجة، حيث وصل الخلاف بين الحكومة والأطباء إلى ذروته. هذا الصراع ليس مجرد مسألة أجور، بل هو معركة حول كيفية علاج المواطنين ومنع انهيار الخدمة العامة، مع تركيز خاص على سعي الحكومة لفرض قانون خاص لتنظيم المهنة.
ماذا تريد الحكومة؟
هدف حكومة كيبيك، ممثلة بوزارة الصحة، بسيط وواضح: ضمان حصول 100% من السكان على طبيب عائلة أو نقطة رعاية مستدامة.
لتجسيد هذا الهدف، سعت الحكومة لتغيير طريقة دفع الأجور للأطباء (عبر مشروع القانون رقم 106)، مقترحة التحول نحو نظام “الرسوم الجزافية” (Capitation)، حيث يحصل الطبيب على مبلغ ثابت مقابل رعاية مريض مسجل لديه، بغض النظر عن عدد الزيارات. وتصر الحكومة على أن هذا النموذج سيشجع الأطباء على:
- تحسين الوصول: تخصيص وقت أكبر للحالات المعقدة وضم المزيد من المرضى.
- المساءلة الجماعية: جعل مجموعات الأطباء مسؤولة بشكل جماعي عن تحقيق أهداف الوصول وجودة الرعاية.
- تضييق الخناق على القطاع الخاص: وضع قيود وعقوبات على الأطباء الجدد أو الحاليين لمنعهم من مغادرة الشبكة العامة إلى العيادات الخاصة.
ماذا يقول الأطباء؟
تتفق الاتحادات الطبية على ضرورة تحسين الوصول، لكنها ترفض بشكل قاطع الوسائل التي اختارتها الحكومة. يعتبر الأطباء أن تغيير طريقة الدفع ليس الحل، بل قد يؤدي إلى نتائج عكسية. اعتراضاتهم الرئيسية هي:
- البيروقراطية ونقص الدعم: يصر الأطباء على أن المشكلة الحقيقية تكمن في النقص الهائل في الموظفين المساعدين (مثل الممرضين والموظفين الإداريين)، فضلاً عن الروتين الإداري المرهق. هم يرون أن توفير الموارد الكافية والدعم هو المفتاح لزيادة الإنتاجية، وليس تغيير نموذج الأجور.
- خطر “طب الوجبات السريعة”: يخشى الأطباء من أن يؤدي ربط أجورهم بأهداف كمية إلى إجبارهم على رؤية عدد أكبر من المرضى في وقت قصير، مما يهدد جودة الرعاية المقدمة، خاصة للمرضى الذين يحتاجون إلى متابعة معقدة وطويلة.
- تهديد الاستقلال المهني: يعتبر الأطباء أن فرض الحكومة لـ “قانون خاص” لفرض شروط العمل، بعد فشل المفاوضات، يمثل انتهاكاً لاستقلاليتهم ويهدد المناخ الوظيفي في القطاع.
ذروة الأزمة: التهديد بالقانون الخاص
بعد توقف محادثات الوساطة، لجأت الحكومة إلى خيارها الأقوى: فرض القانون الخاص. هذا القانون يهدف إلى فرض التغييرات في الأجور وشروط الممارسة، مع فرض غرامات وعقوبات صارمة على أي طبيب يشارك في عمل “متضافر” لتقليل الخدمات أو مغادرة النظام العام بشكل جماعي.
في المقابل، يرى الأطباء أن هذا التصعيد قد يأتي بنتائج عكسية، حيث قد يدفع الأطباء المحبطين إلى:
- التقاعد المبكر أو المغادرة إلى مقاطعات كندية أخرى أو الولايات المتحدة.
- زيادة الهجرة نحو القطاع الخاص الذي يقدم ظروف عمل أكثر مرونة.
الضحية الحالية: المريض
بغض النظر عن هوية الطرف الذي يملك الحق، يبقى المريض الكيبيكي هو الضحية الرئيسية لهذا الصراع. فالأزمة المستمرة وعدم اليقين بشأن شروط العمل تخلق مناخاً من الإحباط الذي يهدد استقرار الكوادر الطبية.
إن تحسين وصول 100% من السكان إلى الرعاية هو هدف نبيل، لكن الطريقة التي يتم بها فرض هذا التحول هي التي تضع النظام الصحي في حالة “طب طوارئ” سياسي، لا يمكن التنبؤ بعواقبه على جودة الخدمة وسلامة المرضى على المدى الطويل.
الأخبار بالفيديو

الأخبار عبر البريد الإلكتروني
اشترك الآن لتصلك الأخبار إلى بريدك الإلكتروني

