الحدث كندا خاص
توفي الوسيط ورجل الأعمال الفرنسي-اللبناني زياد تقي الدين، يوم الثلاثاء في بيروت، قبل 48 ساعة من صدور حكم المحكمة الجنائية في باريس بشأن الاشتباه بتمويل ليبي لحملة نيكولا ساركوزي الرئاسية عام 2007. وكان تقي الدين موضوع مذكرة توقيف في هذا الملف.
أكدت نبأ وفاته محاميته الفرنسية إيليز أرفي ومصدر من عائلته، بعد أن نقلت مجلة «لوبوان» الخبر لوكالة فرانس برس. وبحسب المصدر العائلي، فإن تقي الدين (75 عاماً) كان موقوفاً منذ شهر في سجن طرابلس شمال لبنان على خلفية دعوى رفعها محاميه اللبناني بدعوى عدم تسديد الأتعاب، وتوفي في المستشفى إثر إصابته بنوبة قلبية.
عرف تقي الدين بتصريحات متقلبة اتهم فيها مراراً الرئيس الفرنسي السابق بتلقي تمويل من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ومساعديه. ففي أيار/مايو 2012 أعلن للصحافة أن تمويل ليبيا «حقيقة»، ثم زعم عام 2016 أنه نقل «خمسة ملايين يورو» نقداً بين تشرين الثاني/نوفمبر 2006 ومطلع 2007 خلال ثلاث رحلات بين طرابلس وباريس، سلّمها على دفعتين لكلود غيان، مدير مكتب ساركوزي حين كان وزيراً للداخلية، وللرئيس السابق نفسه. وقد نفى ساركوزي ذلك بشدة ونعته بـ«المتلاعب الكبير»، فيما وُجه الاتهام إلى تقي الدين في إطار التحقيق.
وفي نهاية عام 2020 أثار ضجة حين تراجع عن اتهاماته التي استمرت نحو عقد، مؤكداً أن ساركوزي لم يستفد من تلك الأموال. لكنه عاد بعد شهرين وصحح أقواله. وقد رأت المحاكم في هذا التبدّل المؤقت محاولة محتملة للتأثير على الشهود، ما انتهى إلى توجيه اتهامات لعدة شخصيات فرنسية.
واجه تقي الدين ملاحقات في قضايا أخرى ؛ ففي مطلع 2025 أيدت محكمة الاستئناف في باريس الحكم عليه بالسجن خمس سنوات في الشق المالي من «قضية كراتشي» المتعلقة بعمولات سرية على عقود سلاح فرنسية مع السعودية وباكستان منتصف التسعينيات. وكان قد غادر فرنسا إلى لبنان قبل أيام من إدانته ابتدائياً منتصف 2020، وصدر بحقه لاحقاً أمر توقيف في ملف «التمويل الليبي». وبسبب وفاته، يُتوقع أن تعلن محكمة باريس، المقرّر أن تصدر حكمها يوم الخميس، إقفال الملاحقة بحقه.
في لبنان، سُجن تقي الدين مرات عدة ولا سيما بناءً على مذكرة التوقيف الفرنسية. ومع استئنافه الحكم في فرنسا، أفرجت المحاكم اللبنانية عنه في نيسان/أبريل الماضي مع منعه من السفر.
وُلد زياد تقي الدين في 14 حزيران/يونيو 1950 لعائلة درزية بارزة من الطبقة العليا. بدأ مسيرته في الإعلان قبل أن يغادر إبّان الحرب الأهلية إلى لندن. وفي ثمانينيات القرن الماضي عُين مسؤولاً عن منتجع «إيزولا 2000» في جنوب فرنسا، حيث نسج علاقات مع كبار مسؤولي اليمين الفرنسي. وبفضل تلك الشبكات انخرط في مفاوضات عقود دفاعية في صلب «قضية كراتشي». عاش حياة مترفة وأغدق الهدايا على حلفائه السياسيين، قبل أن يتراجع نفوذه إثر طلاق صعب وتنافس محتدم مع خصمه ألكسندر جوهري وتفاقم متاعبه القانونية.
