تقارير تستبعد الحرب الكبيرة: احتمالات المواجهة

Last Updated: أكتوبر 25, 2025Categories: أخبار لبنان

الحدث كندا خاص

رؤوف نجم

تتزايد الأسئلة في لبنان وإسرائيل وخارجهما حول إمكان انفجار الجبهة الجنوبية في أي لحظة. القراءة المعتمدة هنا لا تقوم على روايات إعلامية أو تسريبات، بل على وثائق رسمية صادرة عن الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن وتقارير الأمين العام، إضافة إلى البيانات العلنية للجيشين اللبناني والإسرائيلي. هذه المواد تُظهر مشهدًا معقّدًا: مستوى خطر مرتفع،متوسط على المدى القريب، لكنه مكبوح مؤقتًا بمسار دولي متجدّد لضبط الاشتباك، وتنسيق يومي على الأرض بين الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.

يشكّل القرار 1701 الركيزة القانونية والأمنية لمرحلة ما بعد حرب 2006. المستجدّ الأبرز في عام 2025 تمثّل في قرار مجلس الأمن المرقّم 2790 الصادر في 28 آب/أغسطس، والذي مدّد ولاية اليونيفيل وطلب من الأمين العام للأمم المتحدة وضع خيارات عملية لتعزيز تنفيذ 1701 وتحديث أدواته. ترجمة ذلك سياسيًا أنّ المجتمع الدولي يعترف بأنّ الوضع الراهن هشّ، وأنّ آليات الفصل والرقابة تحتاج إلى تقوية كي لا يتحوّل الاحتكاك اليومي إلى مواجهة مفتوحة.

تقارير الأمين العام الدورية، ولا سيما الصادرتان في 12 آذار/مارس و11 تموز/يوليو 2025، توثّق آلاف الخروقات منذ وقف الأعمال العدائية وتنبّه إلى خطر سوء التقدير على تماس الخط الأزرق. لغة هذه التقارير تقنية ومحايدة، لكنها صارمة في وصفها لسياق يتّسم بتغيّر البيئة الاستراتيجية واستمرار الانتهاكات الجوية والبرية، وبتحذيرها من أنّ حادثًا واحدًا ذا خسائر جماعية قد يجرّ الأطراف إلى دورة رد وردّ مضاد خارج القواعد الضمنية السائدة.

على الأرض، يحاول الجيش اللبناني،بالتنسيق مع اليونيفيل،خفض منسوب الاحتكاك عبر معالجة التعدّيات وإزالة العوائق على مقاطع حسّاسة من الخط الأزرق، كما حدث في عيترون، بنت جبيل في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2025. هذه الوقائع اليومية لا تلغي هشاشة المشهد، لكنها تعكس إرادةً مؤسساتية لاحتواء التوتر ضمن قنوات اتصال رسمية وقواعد اشتغال واضحة. في المقابل، تُظهر البيانات العلنية للجيش الإسرائيلي منذ مطلع العام وتيرة عمليات وضربات داخل العمق اللبناني ضد بنى منسوبة إلى حزب الله، وتدريبات واسعة على جبهة الشمال بلغت ذروتها مع مناورة فرقة 91 في 24 تشرين الأول/أكتوبر. هذا النمط يزيد قابلية الاشتعال حتى مع وجود تفاهمات موضعية.

بناءً على الوثائق الرسمية نفسها، لا تبدو الحرب «حتمية» في المدى القريب، لكنها «ممكنة بشدّة» إذا تعطّلت عملية تحديث ترتيبات 1701 التي طلبها مجلس الأمن، أو وقع حدثٌ مُفجِّر يخرج الردود المتبادلة من إطار الضبط الجاري. معادلة الردع المتبادل لا تزال تعمل، لكنّها مرهونة بخطأ حسابي واحد، أو بعملية نوعية، أو باندفاعة صاروخية كثيفة تُحدث خسائر كبيرة وتدفع إلى مسار تصعيد يصعب كبحه سريعًا.

الا ان  المؤشر الأدقّ ليس في عناوين الصحف بل في المسار الأممي نفسه. القرار 2790 فتح باب تعديلٍ عمليّ على آليات التنفيذ، وحدّد تقويمًا لتقديم خيارات الأمين العام وصولًا إلى منتصف 2026. إلى أن تتبلور تلك الخيارات وتُستكمل ترتيبات الضبط على الحدود، ستبقى الجبهة عالقة بين احتماليْن: احتواءٌ حذر تديره مؤسساتٌ رسمية على جانبيْ الخط الأزرق، أو انزلاقٌ مفاجئ تشعله واقعة واحدة خارج الحسابات. متابعة جلسات مجلس الأمن المقبلة وتقارير الأمين العام الدورية هي البوصلة الأكثر موثوقية لمعرفة إلى أين تتّجه الأمور فعلًا.


الأخبار عبر البريد الإلكتروني

اشترك الآن لتصلك الأخبار إلى بريدك الإلكتروني