الأزهر يطلق مبادرة لرأب الصدع بين الشيعة والسنة في لبنان
أعلن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب عن إطلاق مبادرة جديدة تهدف إلى جمع رجال الدين اللبنانيين من الطائفتين السنية والشيعية في دورة تدريبية مشتركة بالقاهرة، في خطوة ترمي إلى تخفيف الانقسامات المذهبية التي تُعد من أبرز عوامل الأزمة المزمنة في لبنان.
الإعلان جاء خلال لقاء جمع الطيب برئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، الذي يزور مصر وسط ظروف سياسية وأمنية دقيقة يعيشها لبنان، حيث تبقى الانقسامات الطائفية وقودًا للتوتر الداخلي المستمر منذ عقود.
تفاصيل المبادرة
وفق بيان مشيخة الأزهر، سيُخصص البرنامج التدريبي لتأهيل الأئمة اللبنانيين فكريًا ودينيًا، مع التركيز على خطاب الوحدة والتسامح والتعايش، بما يتناسب مع الخصوصية اللبنانية وحساسياتها التاريخية. وأكد الطيب أن الأزهر يدرك خطورة الانقسام الطائفي في لبنان، ويسعى لتقديم مساهمة عملية في تهدئة هذا الاحتقان عبر أدواته التعليمية والدعوية.
وقال الطيب: “لبنان بحاجة إلى خطاب ديني جامع يُعيد الاعتبار لقيم المواطنة والوحدة الوطنية”. كما شدّد على استعداد الأزهر لتوسيع برامجه التدريبية لتشمل أكبر عدد من الأئمة اللبنانيين دون أي تمييز مذهبي، في سبيل بناء قاعدة دينية مشتركة تعزز التماسك الداخلي.
سياق إقليمي ودور تاريخي
تأتي المبادرة في وقت يُعتبر فيه لبنان من أكثر الدول العربية تأثرًا بالاستقطاب المذهبي، الذي طالما أعاق قيام دولة قوية وموحدة، وتسبب مرارًا في نزاعات دامية. ويرى مراقبون أن هذا التحرك يعكس إدراك الأزهر لمسؤوليته التاريخية، ليس فقط كمرجعية سنية، بل كمؤسسة عربية إسلامية تسعى لحماية النسيج الاجتماعي من الانهيار.
الطيب ذكّر أيضًا بتجربة الأزهر في مؤتمر الحوار الإسلامي – الإسلامي الذي عُقد في البحرين، مؤكداً أن الوحدة هي السبيل الوحيد لنهضة الأمة، مستشهدًا بالآية الكريمة:
{واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا}.
دعم إضافي للبنان
إلى جانب البُعد الدعوي، أعلن شيخ الأزهر عن زيادة عدد المنح الدراسية للطلاب اللبنانيين، وفتح أبواب مؤسساته التعليمية أمامهم. واعتبر أن هذه الشراكة المعرفية الممتدة بين لبنان والأزهر تُسهم في إعداد جيل جديد أكثر انفتاحًا وتسامحًا.
من جهته، عبّر رئيس الوزراء نواف سلام عن تقدير بلاده لدور الأزهر، واصفًا إياه بـ”الضامن التاريخي لوحدة الأمة”، كما وجّه دعوة رسمية للطيب لزيارة لبنان، مؤكداً أن حضوره في بيروت سيكون بمثابة “رسالة دعم معنوي كبرى” للشعب اللبناني في هذه المرحلة الحرجة.
أبعاد أبعد من لبنان
لا تقتصر تداعيات المبادرة الأزهرية على لبنان فقط، بل يتوقع أن يكون لها أثر أوسع على المنطقة التي لا تزال تعاني من تجاذبات طائفية تمتد من العراق إلى اليمن. بتحركه نحو جمع السنة والشيعة ضمن برامج تعليمية موحدة، يبعث الأزهر برسالة واضحة مفادها أن وحدة المسلمين لم تعد خيارًا، بل ضرورة وجودية لمواجهة تحديات العصر.
الأخبار بالفيديو

الأخبار عبر البريد الإلكتروني
اشترك الآن لتصلك الأخبار إلى بريدك الإلكتروني

