اسرائيل مستعدة: الانسحاب مقابل السلاح
ملف خاص – الحدث-كندا
في خطوة وُصفت بأنها «مشروطة وموجهة للرأي العام الدولي»، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استعداد الجيش الإسرائيلي «للانطلاق في انسحاب كامل من جنوب لبنان» إذا ما باشر لبنان بتنفيذ خطة نزع سلاح حزب الله. الإعلان جاء متزامناً مع مداولات حساسة في مجلس الأمن بشأن تجديد ولاية قوات «اليونيفيل»، ما يمنح الموقف الإسرائيلي بعداً دبلوماسياً يوازي بعده العسكري.
المعادلة الإسرائيلية: الانسحاب مقابل السلاح
بيان مكتب نتنياهو اعتبر أن «التنفيذ الجاد من قبل الجيش اللبناني لخطة نزع سلاح الحزب» سيقابَل بتقليص عسكري إسرائيلي تدريجي، يتم على مراحل، وبإشراف آلية أمنية تقودها الولايات المتحدة.
هذا الموقف ليس جديداً من حيث المضمون، لكنه يكتسب زخماً خاصاً بعد أن وصف نتنياهو قرار مجلس الوزراء اللبناني بالموافقة على الورقة الأميركية لنزع سلاح حزب الله بـ«القرار التاريخي»، رابطاً بينه وبين إمكانية طي صفحة الاحتلال في خمسة مواقع جنوبية لا تزال القوات الإسرائيلية متمركزة فيها.
الموقف اللبناني: بين الانقسام الداخلي وضغوط الخارج
في بيروت، فجّر قرار الحكومة اللبنانية بالتصويت على خطة نزع السلاح جدلاً حاداً. فبينما اعتبره البعض فرصة لفتح نافذة تفاوضية دولية وتثبيت سلطة الدولة، رأى آخرون أنه خضوع لإملاءات أميركية، خصوصاً أن حزب الله أعلن رفضه القاطع، ملوّحاً بأنه «لن يضع سلاحه على الطاولة قبل انسحاب إسرائيل الكامل ووقف اعتداءاتها الجوية».
هذا الموقف يسلط الضوء على التناقض بين مؤسسات الدولة اللبنانية التي تسعى إلى الحصول على دعم دولي عبر «التزامات سياسية»، وحزب الله الذي يرى أن سلاحه مرتبط مباشرة باستمرار الاحتلال والاعتداءات.
الواقع الميداني: وقف هش لإطلاق النار
منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يسود وقف لإطلاق النار رعته واشنطن، لكن تطبيقه ظل ناقصاً. فالاتفاق نصّ على مصادرة الأسلحة «غير الشرعية» مقابل وقف إسرائيل هجماتها. والنتيجة حتى الآن: غارات إسرائيلية شبه يومية، قتلى وجرحى في صفوف الحزب والمدنيين، وإصرار إسرائيلي على البقاء ميدانياً في الجنوب.
المشهد يعكس معادلة غير متوازنة: سلاح المقاومة مقابل غارات مستمرة، ومطالب دولية بتثبيت سلطة الدولة اللبنانية دون أن تلتزم إسرائيل بوقف اعتداءاتها.
المجلس الدولي: معركة الصياغات
في نيويورك، تدور معركة موازية حول مستقبل «اليونيفيل». مشروع القرار الفرنسي – المدعوم لبنانياً – يدعو لتمديد الولاية لعام إضافي. لكن تحت ضغط أميركي وإسرائيلي، أضيفت صياغة جديدة تتحدث عن «عزم مجلس الأمن على الانسحاب التدريجي لليونيفيل» بحيث تصبح الدولة اللبنانية «المسؤولة الوحيدة عن أمن الجنوب».
اللافت أن النص دان الهجمات على قوات اليونيفيل لكنه لم يشر صراحة إلى إسرائيل، رغم تقارير تحدثت عن إصابات مباشرة في صفوف القوة الدولية جراء ضربات إسرائيلية. الموقف الأميركي ظل غامضاً، إذ رفضت الخارجية الأميركية التعليق على الصياغة، ما يفتح الباب أمام احتمال استخدام الفيتو إذا اعتُبرت التسوية غير مرضية لواشنطن أو تل أبيب.
بين الداخل والخارج: ماذا بعد؟
هذا التداخل بين المسار الميداني (غارات، مقاومة، وجود عسكري) والمسار الدبلوماسي (قرارات مجلس الوزراء اللبناني ومداولات مجلس الأمن) يضع لبنان أمام معادلة معقدة:
-
هل يتمكن من فرض سيادته كاملة على الجنوب عبر تفاهم دولي – إقليمي؟
-
أم أن الاصطفافات الداخلية ستجعل من خطة نزع السلاح ورقة جديدة للصراع السياسي؟
-
وفي المقابل، هل يلتزم نتنياهو فعلاً بالانسحاب إذا ما التزم لبنان بالخطة، أم أن الشروط الإسرائيلية ستتبدل مع تبدّل الظروف؟
المشهد حتى الساعة يوحي بأن الملف مرشّح لمزيد من التدويل، وأن مجلس الأمن قد يتحول إلى ساحة اختبار لموازين القوى بين واشنطن، باريس، بيروت وتل أبيب، في وقت يبقى فيه الجنوب اللبناني على خط التماس بين نار الغارات الإسرائيلية وحسابات السياسة الدولية.
الأخبار بالفيديو

الأخبار عبر البريد الإلكتروني
اشترك الآن لتصلك الأخبار إلى بريدك الإلكتروني

